الظروف الاقتصادية العالمية وإعادة التفكير بالخيارات
تم النشربتاريخ : 2022-07-27
"الظروف الاقتصادية العالمية وإعادة التفكير بالخيارات"
⭕ بقلم: عضو الهيئة العامة
⭕ م. ضياء حامد الجدع القواسمي/ رئيس مجلس ادارة شركة أبناء حامد الجدع للكهرباء والطاقة
خلال تجوالك في الدول الشرق الأوسطية تلحظ مدى الاختلاف الكبير الحادث في طبيعة الأمور وآليات التعامل مع القضايا الاقتصادية لكل دولة، ومع التأكيد على اختلاف التعاملات بين دولة وأخرى إلا أن أجواء كورونا وما أفرزته الحروب والنزاعات في أوكرانيا وروسيا ودول العالم الأوروبي وانعكاساتها على الدول الصغيرة والكبيرة على حد سواء تجبرنا على ضرورة تحليل المشهد العام وقراءته بصورة أكثر واقعية وعمقاً لا سيما أن هناك فواسم مشتركة كبيرة باتت تجمع الدول ويمكن عليها القياس.
العالم اليوم أمام سلسلة من الأزمات التي تعصف به وبالدول التي لا زالت قادرة على الحياة فيه ، فنحن أمام أزمة عالمية في الوقود والطاقة ، ونحن اليوم جميعا أمام أزمة في الغذاء، وأزمة المياه تطل برأسها من بعيد لتذكرنا أنها قادمة لا محالة، وكورونا مزقت الجسد الاقتصادي العالمي وأثرت على كل سلاسل التوريد الروتينية ، وارتفاع أسعار النقل البحري والشحن بات هاجساً يؤرق العقول الاقتصادية، وهذه وغيرها من المعطيات تشير بوضوح إلى أن العالم اليوم بات شريكاً فعلياً في بعض ملامح الأزمات التي لا يمكن لدولة الفكاك منها منفردة .
إن هذه المتغيرات السريعة تنادي فينا القدرة على التحليل والتقدير الإيجابي لنقلب هذه المحن إلى منح، ولنصنع الحياة في ظل حالة الموت والرعب والخوف المنتشر، وأن نبادر على المستويات الحكومية والمؤسساتية والفردية لصناعة منهج تفكير وعمل وإنتاج جديد، يعتمد على التكنولوجيا العصرية بالدرجة الأولى، ويعتمد على تفعيل العقل البشري واستثمار الطاقات والقدرات الموجودة في كل بيئة لتتم الاستفادة منها بالمجالات التي تختص فيها، تحت مظلة الإنتاجية الحقيقية ، والتعامل الحكيم مع الوقت في تنفيذ الأهداف.
عالم الصناعة اليوم بات يئن تحت وطأة الظروف الدولية المتقلبة، وعالم الزراعة قرين له في المعاناة، وهذان القطاعان الحيويان يطال الضرر الناشئ فيهما على كل مناحي الحياة، ويشكل الضغط الواقع عليهما ضغطاً على المجتمع برمته، لا سيما الطبقات المتوسطة والمسحوقة في المجتمع والتي لا تملك الخيارات للتعامل مع هذه الأمور وتداعيات الأزمات كما تفعل الطبقة الميسورة والثرية في المجتمع، وهو ما يعني أن تراكم الأزمات سيسبب تآكل الطبقات الثلاث في المجتمع وليس اندثار المجتمعات وتماسكها الداخلي وصولاً لحالة الإفلاس الشاملة التي باتت ملامحها تظهر في أكثر من دولة .
إن وظيفة القائد الفعلية تتمثل في فتح الخيارات أمام الجمهور الذي يقوده مهما كان هذا الجمهور حجماً ووعياً وانتشاراً، فما هي خياراتنا اليوم يا ترى؟
القيادات الرسمية والمؤسسية والجماهيرية اليوم مطالبة بالبعد عن التصريحات الرسمية التي تعبنا من سماعها على مدى عقود، ومطالبة بالنزول إلى أرض الواقع للتعرف على هموم ومشكلات المواطن البسيط، لتتعرف عل احتياجاته وآلامه ومشكلاته وأزماته التي يتعامل معها برغم قلة خياراته، ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة صناعة البرامج التي تساعد الناس على الخروج من هذه الضغوط بصورة حقيقية وموضوعية، فالشعارات البراقة لا تنقذ المجتمعات الغارقة.